سكرات الجهل : من انتحار الجاهل إلى نحر المجتمع

سكرات الجهل : من انتحار الجاهل إلى نحر المجتمع

إن للجهل لسكرات… تشبه إلى حد كبير سكرات الموت، فالجهل يصير صاحبه ميتا يدب على وجه الأرض من حيث لا يدري… ضانا منه أنه حي يرزق.

من سكرات الموت الى سكرات الجهل

تشابه عجيب بين سكرات الموت وسكرات الجهل، حيث أن الأولى تجعل البصر شاخصا الى السماء من هول المنظر، والفم مفتوح من عظم المشهد، فكذلك سكرات الجهل تجعل الفم مفتوحا بسبب غياب الافكار على حد تعبير مالك بن نبي الذي يقول: “لقد سنحت الفرصة لأقوم بتجربة مع فريق من العمال الجزائريين الأميين، حيث اضطلعت بمهمة تعليمهم القراءة والكتابة في فرنسا عام 1938، وكلما تقدمت التجربة شيئا فشيئا –والتي تابعتها تسعة أشهر- كنت أرى وجوه التلاميذ تتغير، كانت الوجوه ذات وميض وحشي، وقد تأنست تدريجيا، لقد اختفى بريقها الحيواني ليحل محلها شيء ما، ينم عن فكرة داخلية، عن حضور فكرة، من ناحية أخرى الشفاه اطبقت أو ازداد تقاربها، الرأس الذي تلقى فكرة قد شغل عضلات الصدغ، التي تعمل كنابض يشد نحو الأعلى الفك الأسفل الذي يغلق الفم”.

فالجاهل يتصف بنفس الصفات التي يتصف بها الميت، نعم أنه ميت يمشي على وجه الأرض، يأكل كما تأكل الأنعام، التي تتميز عن بعضها البعض بالجهل أيضا.

الجهل… أساس التفريق بين الحيوانات
الكلب الجاهل أسوأ مكانا من الكلب المدرب لأن الأول لا يأكل صيده، أما الثاني فيأكل صيده، لأنه تلقى قدرا من العلم، ونوعا من التدريب، جعله متميزا عن الكلب الجاهل، وقس على ذلك، فالجهل لا يفرق بين البشر فقط، بل يفرق حتى بين الحيوانات.

انتحار الجاهل
يفعل الجاهل بنفسه مالا يفعله العدو بعدوه، فالجاهل عدو نفسه، فقد يريد أن ينفعها فاذا به يضرها من حيث لا يدري، وكما يقول مالك بن نبي: “من اليسير أن نفهم ذلك على المستوى التقني، حيث الانتقام فوري إذا ما انفجرت ماكنة سيئة التصميم أو انهار جسر لسوء البناء”، فكذلك الأمر بالنسبة للأفكار الخاطئة التي تفجر عقل الجاهل، وتدمره كلية مثلما تدمر قطع الغيار المغشوشة الآلة. لأن الأفكار الخاطئة تشبه قطع الغيار المغشوشة التي تدمر الآلة ولا تصلحها.

الجاهل ينحر المجتمع:
إن الجاهل يسعى إلى نفع الآخرين ومساعدتهم، فاذا به يضرهم من حيث لا يحتسب. والحضارات السابقة التي انهارت أفضل دليل على ما نقول، حيث سعى زعماؤها وحكامها إلى نفع مجتمعاتهم، فاذا بهم ساهموا في انهيارها من خلال تبني افكار خاطئة مردها إلى جهل هؤلاء. فسقوط قرطاجة لخطأ سياسي من مجلس شيوخها لأفضل شهيد على ما نقول.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *